theme-sticky-logo-alt
theme-logo-alt

ترامب X بايدن.. العالم بانتظار لون الدّخان من واشنطن؟

0 Comments

على مدى 90 دقيقة تواجَه كلّ من الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” والمرشح الديمقراطي نائب الرئيس السابق “جورج بايدن” في أوّل مواجهة تلفزيونية هي، في العادة، جزء من الآلية الديمقراطية للسباق الرئاسي الذي يتكرّر كلّ 4 سنوات.

الهدف من “المناظرة” التلفزيونية هذه وما يتبعها من مناظرات أخرى (3 أو 4) بين الرئيسين أو بين نائبيهما، هو أن يقدّم كل فريق خططَه لحلّ المشاكل الداخلية التي تواجه المجتمع الأمريكي من مجتمعية واقتصادية وتعليمية وبيئية وإثنية وغيرها… إضافة إلى السياسة الخارجية التي سوف يعتمدها في حال نجاحه.

عادة ما يحكم هذه المناظرات ضوابط حوارية ومعايير أخلاقية على المتناظرين الالتزام بها، أهمّها الاحترام المتبادل والصدق والمهنية والموثوقية إلى غير ذلك، كي يتمكن الناخب من اختيار الأجندة الأكثر إقناعاً له وينتخب على أساسها.

ما شاهدناه في مناظرة يوم الثلاثاء في 29 سبتمبر هو مختلف تماماً وغير مسبوق في تاريخ الانتخابات الأميريكية. فقد تبادل الطرفان الإهانات المتبادلة وتخاطبا بلغة أبعد ما تكون عن الاحترام، مما وصفه المعلقون السياسيون والخبراء وحتى أعضاء الكونغرس من كلا الطرفين بأنّ هذه المناظرة جلبت العار على المؤسسة الناظمة وعلى أميريكا والأميركيين.

كان الرئيس “ترامب” عصبياً وعدائياً ومقاطعاً على الدوام لنائب الرئيس “بايدن”، هاجم أسرته بشكل مؤسف وحتى ابنه  المتوفى.

أمّا “بايدن” فردّ بعبارات مهرج،  ومحترف الكذب، وتعمّد عدم النظر إلى منافسه في المناظرة بل تجاهله بالكامل وتمّ توجيه الكلام إمّا إلى الميسّر أو إلى الكاميرا مخاطباً الجمهور.

ومن أخطر ما قاله الرئيس “ترامب” إنّه يعتقد أنّ الانتخابات ستكون غير نظامية وسيتخللها الكثير من التلاعب في الأصوات والتزوير، خاصة للأصوات التي سوف تختار الانتخاب بالاستمارات البريدية، وأنه سيصعب فرز النتائج في الوقت المحدّد وقد يستمر الفرز عدة أسابيع، وأنّه قد لا يقبل بالنتائج في حال ظهر عدد كبير من الاستمارات الخاطئة. كذلك طلب من مؤيديه التوجه إلى صناديق الاقتراع ليس فقط للاقتراع بل لمراقبة عملية الاقتراع.

ومن المعلوم أنّ “ترامب” كان قد طالب منذ عدة أشهر بعدم إجراء الانتخابات وتأجيلها بسبب جائحة “كوفيد 19” والارتفاع المتوقع في عدد الناخبين الذين سوف يختارون التصويت بالاستمارات البريدية.

من ناحية أخرى كانت وسائل الإعلام المؤيدة “لترامب” كـ “فوكس نيوز” تروّج إلى احتمال أن تحصل تجاوزات في الانتخابات بتخطيط من الحزب الديمقراطي، وتهدّد مؤيدي “ترامب” بموجة العنف التي اجتاحت عددا من الولايات الديمقراطية بعد مقتل  “جورج فلويد” الأفريقي الأمريكي من قبل الشرطة في ولاية “مينيابوليس”.

وكان هذا الإعلام يعرض مشاهد مختلفة لحالات تعرض فيها البيض أو ممتلكاتهم للتهديد أو الضرب أو الحرق والنهب، وفشل الشرطة بالتصدي لذلك، فكانت تطالب مؤيدي ترامب بأن يكونوا جاهزين للدفاع عن أنفسهم في بيئة أصبحت مليئة بالعنصرية المتبادلة بين السود والبيض.

ومن المؤسف أنّه قد سجلت في الأشهر الأربعة السابقة مبيعات بحدود 4 ملايين قطعة سلاح شهرياً للاستعداد للمواجهة.

بعد المناظرة بدأ تداول أخبار إلغاء برنامج المناظرتين المتبقيتين بين المتنافسَين على كرسي الرئاسة، والاكتفاء ربما، بمناظرة نواب الرئيسين المقررة في الثامن من أكتوبر الجاري.

يبدو أنّه من المؤكد أنّ الانتخابات الرئاسية القادمة في الرابع من نوفمبر سوف تكون حبلى بالمفاجآت غير السارة؛ قد تشمل ترهيب وتشكيك وطعن ومواجهات بين الطرفين وأنصارهما، وأنّ فرز الأصوات وإعلان النتائج الرسمية سوف يحتاج إلى أسابيع عدة بعد الموعد المعتاد وقد تنتهي بخلاف دستوري، على المحكمة الدستورية العليا الحكم به.

الأسئلة المطروحة الآن هي:

  • هل ستشهد نهاية عام 2020 سقوط نظام الحكم الرأسمالي القائم حالياً في الولايات المتحدة الأمريكية كما سقط الاتحاد السوفييتي في التسعين من القرن الماضي؟ وهل ستشهد أمريكا أحداثاً مؤسفة قد تؤجج الصراعات العنصرية والقومية في أكبر بلد في العالم؟ وما هي الانعكاسات المحلية والعالمية التي سوف يكون لها تأثير كبير على الهيكل الاستراتيجي للعالم لعقود قادمة.
  • الكثير من الصراعات القائمة الآن هي نظرياً بانتظار نتائج الانتخابات الأمريكية: سوريا، لبنان، ليبيا، العراق، شرق المتوسط، بيلاروسيا، الشرق الأوسط، إيران، فلسطين، أثيوبيا، السودان، البلقان، الشرق الأقصى، مالي، أفريقيا. كذلك ملفات التجارة العالمية، والمناخ، ومنظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة، وحلف الناتو وغير ذلك من ملفات مفتوحة تنتظر لون الدخان الذي سينطلق من مدخنة البيت الأبيض.
  • فراغ كبير تركته الإدارات الأمريكية المتعاقبة في العقدين الماضيين، نتيجة سياسات غير ناضجة ورؤى متضاربة واستراتيجيات ضبابية انعكست في فراغ مرجعي سياسي وعسكري واستراتيجي، سمح بإعادة تموضع القوى العظمى كالصين وروسيا والاتحاد الأوروبي الهرم نتج عنها ضياع وفوضى في التحالفات والصراعات الإقليمية والعالمية بانتظار الآتي من واشنطن.

للأسف الصورة المتوقعة قاتمة ومخيفة، فما سوف يحصل في أمريكا سوف يكون له إسقاطات كبيرة على العالم تحدد مستقبل الأجيال القادمة لعقود.  

Previous Post
أي جهنم أفضل؟
Next Post
فريد الأطرش.. الفنان الذي اندمج ألمه وحزنة الإنساني بإنتاجه لفني

0 Comments

Leave a Reply

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

15 49.0138 8.38624 1 0 4000 1 https://fahedbacha.com 300 0