مؤتمر الرياض – تيتي تيتي متل ما رحتي جيتي
ديسمبر 11, 2015
0 Comments
يشتهر أهالي مدينة حلب السورية وأنا أحدهم بلهجة خاصة، ومفردات خاصة، وكثرة استخدامهم للأمثال الشائعة. كنت قد استخدمت واحداً منها قبل عدة أيام صباح انعقاد مؤتمر المعارضة في الرياض وهو “من يجرب المجرب عقله مخرب“.
والآن بعد انتهاء المؤتمر يحضرني مثل آخر ينطبق على نتائج مؤتمر الرياض وهو “تيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي”.
قرأت بيان المؤتمر عدة مرات لأرى ما الجديد الذي يتضمنه إلى درجة شككت في نفسي وفي مقدرتي على الفهم والتحليل، فتواصلت مع عدد ممن حضروا المؤتمر لأسأل ما هو الجديد الذي خرجتم به من المؤتمر وماذا حققتم للثورة السورية من انجازات على المستوى العربي والاقليمي والعالمي فوجدت أنّ الذين ذهبوا إلى الرياض لم يكونوا يعرفون ما ينتظره منهم الشعب السوري،
فمنهم من قال:
- لقد قمنا بواجبنا والآن على العالم أن يقوم بواجبه تجاه سوريا؛ لم أفهم ماذا يقصدون! هل كان واجبهم هو السفر الى الرياض والاجتماع في قاعات مغلقة مُنع الاعلام من ولوجها.
- ومنهم من قال: لقد توافقنا على الحد الادنى المقبول من المعارضة في مفاوضتها المستقبلية مع من يمثل النظام، ونقلنا شروط المعارضة التي يجب أن تتحقق قبل دخولنا في المفاوضات. وكأنّ الحد الأدنى هذا لم يكن معروفاً قبل ذهابهم أو أن الشروط التي وضعوها وباستحياء لم تكن معروفة. فإطلاق سراح قائمة من الموقوفين والمخطوفين، وفك الحصار عن بعض المناطق، وعلاج عدد من الجرحى، بات مرتبطاً بكرم أخلاق النظام ورغبته في إظهار حسن النية. والسؤال: هل يمكن لنظام قتل مئات الآلاف من أبنائه وأحرق البلد وهدم التاريخ وجعل أرض الوطن وسمائه أرضاً مستباحة لكل أمم العالم، أن يكون لديه حسن نية؟
- قالوا أظهرنا للعالم أننا استطعنا أن نتحد وأنه بإمكاننا تمثيل الشعب السوري! وكأن العالم أبله لا يعرف مقدار هشاشة الاتحاد الذي تحقق “شوية بوس لحى سرعان ما سيتحول إلى خلافات تطفو على السطح وتفضح المستور”.
- قالوا شكلنا هيئة عليا للمتابعة ستكون مسؤولة عن تسمية المفاوضين المستقبليين وعلى الأغلب برئاسة هادي البحرة (لمتابعة مفاوضات جنيف). وكأن المشكلة كانت بتسمية فريق المفاوضين؟ ومن ثم أين توقفت المفاوضات الأخيرة؟ على حد علمي أنها توقفت عند الاختلاف بأن النظام يعتبر أن الأولية يجب أن تعطى إلى مكافحة الارهاب قبل الشروع في أي مفاوضات… واليوم وبعد الهجمات الارهابية الأخيرة أصبح العالم أكثر تعاطفاً مع مطلب النظام خاصة وأن الموقف الروسي يدعم هذا التوجه.
- قالوا توافقنا أن لا وجود للأسد في مستقبل سوريا، وأن رحيله يجب أن يسبق بدء المرحلة الانتقالية! والسؤال وماذا قبل ذلك؟ هل ستفاوضون الأسد؟ هل ستطلبون منه أن يكون كريم النفس ويرحل بسلام إلى منفاه بعد إعطائه الضمانات الكافية بعدم ملاحقته هو ورعيته وإهداءهم مليارات الدولارات التي سرقوها من عرق الشعب السوري ومعاناته. هل الشعب السوري يرضى بالعفو عن الأسد وعصابته المجرمة من قتلة وسفاحين وعسكريين وأمنيين واللصوص الذين دمروا الاقتصاد السوري. ومتى ستبدأ المرحلة الانتقالية؟ بعد القضاء على الارهاب أم قبله؟
- قالوا أنهم توافقوا على دولة حرة ديمقراطية مدنية لا مركزية الادارة مع استدراك أن تحترم معتقدات ومطالب كل المكونات السورية، دون أن يوضحوا أي تفاصيل! والمشاكل تكمن في التفاصيل…
- قالوا أنهم سيحافظون على مؤسسات الدولة مع إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والعسكرية! أي مؤسسات يتحدثون عنها؟ هل حافظ الحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية على المؤسسات الفاشية؟ هل سيحافظ مجتمعو الرياض على شبيبة الثورة وطلائع البعث والفتوة والاتحاد النسائي السوري وغيرهم من مؤسسات فاشية هدفها خدمة النظام واستعباد السوريين وغسل أدمغتهم؟ وكيف سيعيدون تأهيل الأنظمة الأمنية، وكم سيكون عددها، وهل سيحافظ على نفوذ كل منها، وكيف سيتم اختيار عناصرها وقياداتها الجديدة ووفق أي معايير؟ وكيف سيتم اعادة هيكلة الجيش، ومن سيختار قياداته؟ هل ستقوم الحكومة الانتقالية باعادة هيكلة هاتين المؤسستين أم عملاء المخابرات الروسية والايرانية؟
- قالوا أنهم طالبوا بخروج كل الجيوش الغريبة من سوريا! والسؤال كيف سيخرجوا الايرانيين وحزب الله والافغان والخبراء الروس وماذا سيفعلون تجاه القواعد العسكرية الروسية التي بدأت تنتشر وتتوسع عدداً وتنوعاً بصمت بل موافقة أممية وغربية باسم التحالف ضد مكافحة الارهاب؟
- قالوا أن السلاح عليه أن يبقى بيد السلطة السورية! وهو مطلب حق، فسحب السلاح أساس السلام… ولكن من سيسحب السلاح ومن هي الجهة التي ستكون مخولة بامتلاكه؟
- قالوا أنهم سيعيدوا المهجرين؟ والسؤال هل لديكم وعد بمشروع مارشال خاص بإعادة الاعمار وإعادة تأهيل المهجرين والنازحين والأرامل والأيتام والمعاقين لكي يعودوا إلى مناطقهم؟ ومن هي الجهة التي سوف تضمن لهم أمنهم؟
- قالوا أنهم متمسكين بوحدة سوريا! أي وحدة هذه ونحن نرى أوصال وطننا الحبيب تتقطع كل يوم لخدمة استراتيجية النظام وبعض المكونات في تقسيم سوريا تحت أقنعة مختلفة، واستراتيجيات الدول الاقليمية الاخرى العربية منها وغير العربية ناهيك عن الاجنبية؟
- قالوا أن كل ما سبق سيطبق باشراف أممي؟ والسؤال من هي الأمم المؤهلة بالاشراف على إعادة سوريا إلى عافيتها بعد أن تم انتهاك كل المعايير الانسانية العالمية فيها وزرع فيها البغض وكل الانقسامات الطائفية والقومية والاثنية والدينية والمناطقية وحتى العشائرية والاسرية بعد 50 عاماً من حكم لا أخلاقي دمر المجتمع باعتراف السفاح؟
- نسيتم الانتخابات والدستور والمطبات الخطيرة الأخرى التي فاتتكم…
وأخيراً
- كل ذلك وغيره من التساؤلات تجعلنا نقول “تيتي تيتي مثل ما رحت جيتي” شكرا لكم يا شباب تعبناكن معنا.
- نعم، عملتوا ما عليكن ولكن مو هادا اللي بدو يا الشعب السوري. لقد وضعتم الحمار وراء العربة.
- المطلوب أولا وقبل أن تتعبوا أنفسكم أن تعوا بأنكم لم تعودوا من صناع القرار وبالتالي تطالبوا بقرار أممي باجماع كل الدول على حتمية انهاء القتال في سوريا وإرساء السلام والحفاظ على وحدة الوطن تحت البند السابع.
- الحل يبدأ بالتوافق الدولي على استراتيجية اقليمية واضحة، ووعي وادراك أن الحالة التي وصلت اليها سوريا ستنعكس على العالم كله وبالاً لن يتمكنوا من ردعه.