بابا عمرو انتصرت…
بابا عمرو دمّرت بالكامل على رؤوس قاطنيها، قامت دبابات وطائرات ومدافع النظام بقصف دام لأكثر من شهر على حي مساحته 12 كلم مربع. أطبقت كتائب النظام المجرمة حصاراً كاملاً على هذا الحي المقتظ بالسكان، وقطعت عنه الماء والكهرباء، ومنعت عنه الخبز والغذاء والدواء وأي شيء آخر انسانياً كان أو اسعافياً أو غيره. ومن يقطن بابا عمرو هذه؟ إنها أسر سورية فيها الأطفال والنساء والشيوخ والشباب من أحرار الوطن. خطأهم أنهم تجرأوا وصاحوا منذ 15 آذار 2011 “الموت ولا المذلة”. صحيح أن الموت والقتل والتنكيل والتهجير والاعتقال والقمع الوحشي قد أصابهم جميعاً، ولكن الصحيح أيضاً أنّ العار والخزي والإدانة قد وصمت دول العالم أجمع من دون استثناء.
لقد فضحت باباعمرو الطواطؤ الأمريكي – الأوروبي وصمته المشين وكشفت مقاومة هذا المحور لتحرر الشعوب العربية وإرساء الديموقراطية فيها. وكشفت بابا عمرو خزلان العرب وضعفهم وكذبهم على أعلى مستوى عربي وهو الأمين العام للجامعة العربية (وهو للأسف ليس أميناً على دماء شعوبها). باباعمرو وصمت كل رموز المعارضة السياسية ممن تبوأوا تمثيل الثورة في المحافل الدولية والعالمية بختم رسمي على جبهاتهم يقول “مراهقون سياسيون”.
والآن وانا أكتب هذه الكلمات تقوم كتائب النظام المجرمة بقتل ممنهج وذبح بالسكين لأطفال ونساء باباعمرو واعتقال وتصفية لشبابها واغتصاب لنسائها، انهم مجرمون ينتقمون من صمودها بمجزرة تكون عبرة لمن يعتبر. لم يسمحوا للصليب الأحمر والهلال الأحمر الدوليين بالدخول لكسب الوقت لانهاء مجزرتهم. وغداً وعند دخول هذه المنظمات سوف تجد العجب العجاب وماذا بعد…
فرنسا يهدد رئيسها بمحاسبة النظام يوماً ما ولكن (عيش يا كديش لينبت الحشيش)، إذا كنت عازماً سيدي الرئيس على محاسبة النظام فماذا تنتظر؟ لتبدأ بمحاكمة العم رفعت (بطل حماه) وأبنائه وأزلامه، والسيد خدام(حرامي لبنان) وغيرهم من رموز السلطة التي قتلت الشعب السوري ونهبت الوطن في الثمانينات ومن ثم خرجت لتتمتع برغد الحياة لأنها من نوع الحيوانات المغيبة الضمير والأخلاق والمبادئ. رئيس وزراء بريطانيا يرى بأن أوروبا قد قامت بخطوات مهمة، فهي منعت وزراء الصحة والاعلام والمواصلات والتموين وآخرين غيرهم من السفر وصادرت أموالهم المنقولة وغير المنقولة في أوروبا (يا ماما شي بخوّف). قال أوباما (أيام الأسد باتت معدودة غير أن وزيرة خارجيته قالت لا تدخل عسكري على غرار ليبيا) إذا على غرار ماذا؟ السعودية تريد تسليح المعارضة أما العربي فلا يريد ذلك (ما عاذ الله) وقطر تريد أن تكون عراب المنطقة (ولكنها يا عيني ما بيطلع بأيدا شي كما قال وزير خارجيتها فهي تقبل بما يتسنى لها). أما إسرائيل فهي العدو الحنون للنظام، طلبت من أمريكا تخفيف الضغط على الأسد (يا عين أمو) بانتظار الكشف عن ماهية الخلف؟ والأسوأ من الجميع أولئك الذين نسميهم معارضة بأشكالها المختلفة من مجلس وطني وجر وآخرين من رموز قديمة وجديدة لكل منهم هيئاته الخاصة ومجالسه المتعددة وائتلافاته المفككة وجبهاته المهترئة. الكل يختلف مع الكل والكل يريد أن يتصدر قيادة الثورة. قالوا لهم: (تريدون سلاح وتمويل أعطونا برامج ووقعوا لنا صكوك لما بعد سقوط الأسد)، فإذا بهم يهرولون اليوم ليفعلوا ذلك علهم يحصلون على الدعم المرتجى، وماهو هذا الدعم؟ إنه موافقة الكبار الأجانب على إعطاء الأذن للصغار العرب بتمويل المعارضة بالعتاد والسلاح والمال وفهمكم كفاية…
كفانا هراء، كفانا مواقف ارتجالية، كفانا قرارات متأخرة، كفانا تشرذم وتفكك، كفانا جبهات وائتلافات وتنسيقيات ومجالس وفرق وغير ذلك. تنادوا واجلسوا جميعا حول طاولة مستديرة واختاروا مجلساً موحداً لقيادة الثورة مؤلفاً من عسكريين ومدنيين، وحدوا جهودكم وطاقاتكم ومصادركم التمويلية والتسليحية والإغاثية وإلا سوف ترافقون الأسد ورموز نظامه إلى مزبلة التاريخ بتهمة التواطؤ على وئد الثورة.
ليسمع الجميع صرخة مدوية… الشعب السوري قال كلمته “الموت ولا المذلة”، هذا النظام المارق ساقط لا محالة وبشار سوف يترافق مع اخوته وأقربائه ليلحق بوالده وهتلر وموسوليني وتشاوشسكو وستالين وغيرهم من قتلة الشعوب من ذوي الضمائر الميتة المتحجرة. الشعب السوري ثار ولن تقف الثورة حتى ينتصر الثوار باذن الله.
صحيح أنّ باباعمرو سقطت في الأول من آذار 2011 وانسحب منها أبطال الثورة من الجيش الحر، وهرب سكانها أو قتلوا أو اعتقلوا أو ذبحوا أو اغتصبوا أو عذبوا واستبيحت منازلهم ومحلاتهم ولكن الصحيح أيضاً أنهم سيعودون إليها لتحريرها وبناءها من جديد لتكون مزاراً للبطولة والشهامة والبسالة، لتكون رمزاً عالمياً للصمود ومنارة للحرية والديموقراطية وكرامة الانسان. ستسقط يا بشار وستُنسى أو تُذكر باحتقار وسيلحق العار بحاشيتك وأسرتك وأهلك، أمّا بابا عمرو، فستبقى شامخة على مدى الحياة وسوف يسطّر تاريخها بدماء شهدائها:
سقط بشار ونظامه في بابا عمرو.
فهد ابراهيم باشا