العصر الإسرائيلي الجديد في الشرق الأوسط
فاز رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” في الانتخابات الإسرائيلية على خصمه اليميني “بيني غانتس” زعيم الحزب اليميني المنافس (حزب كاحول لافان)، وهو تحالف لعدد من جنرالات إسرائيليين سابقين وقيادات سياسية أخرى من اليمين الإسرائيلي انشقوا عن حزب الليكود الحاكم وأسموا تحالفهم بـ “الأزرق والأبيض” تيمناً بلون العلم الإسرائيلي.
فوز “نتنياهو” الجديد سيكون له نتائج خطيرة على المنطقة بشكل عام، وعلى الدول العربية وسوريا بشكل خاص. فرئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي أثبت خلال حكمه أنه من أكثر القيادات الإسرائيلية تطرفاً، فاز في هذه الانتخابات بتأييد مطلق من أكثر القيادات العالمية اليمينية تطرفاً؛ فكان أول من اتصل به للتهنئة هو الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، تبعه رئيس الوزراء التمساوي “سيباستيان كورتس” رئيس حزب الشعب النمساوي اليميني، تلاه رئيس الوزراء الإيطالي “جوزيبي كونتي” وهو محام وسياسي مستقل رشح من قبل حزبين متطرفين من أقصى اليمين في إيطاليا – حزب “الخمس نجوم” و”حزب الرابطة”.
نجح “نتنياهو” منذ عام 2016 وبعد وصول “دونالد ترامب” إلى سدة الرئاسة بإجراء تحالف قوي وشخصي مع الرئيس الأمريكي المنتخب، وذهب أبعد من ذلك، إلى حدّ وضع خطة استراتيجية سياسية وعسكرية للمنطقة بمباركة الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، وتواطؤ فاضح من الرؤساء العرب الذين انضموا إلى خطة الشرق الأوسط الكبير التي أطلقها صهر ترامب (اليهودي الأمريكي تشارلو كوشنر) بحجة الخوف من الإرهاب وخطر التوسع الإيراني.
تتمثل الخطة بأن الخطر القادم على أنظمة حكم المنطقة وإسرائيل هو الإرهاب بمنظماته المتطرفة المتعددة والأطماع الإيرانية في التوسع في المنطقة على أساس طائفي، وبالتالي؛ فإن تحالف دول المنطقة مع إسرائيل أمر حيوي لمقاومة ذلك وضمان أمن أنظمتهم واحتفاظهم بالسلطة.
في العقد المقبل، سوف تقود إسرائيل سياسة المنطقة بشكل علني غير مستتر (كما كان في السابق) وبلا منازع، مدعومة بتعصب أعمى من قبل “ترامب” وتواطؤ روسي مغفل.
تتمثل خطة إسرائيل وهدفها النهائي بما يلي:
- إنهاء القضية الفلسطينية: بحل الدولة الواحدة ومناطق إدارية فلسطينية تكون بمثابة مجالس بلدية لها حكومة محلية فلسطينية دون أن يكون لها جيش مسلح، بل جهاز أمني مخابراتي وشرطة.
- التطبيع مع الأنظمة العربية دون تمسك هذه الأخيرة بدولة للفلسطينيين لتشكيل تحالف ضد الإرهاب وإيران.
- الإبقاء على تهديد عسكري نووي في المنطقة، وتنصيب إسرائيل نفسها الحارس الأمين للأنظمة العربية وعلى رأسهم السعودية ودول الخليج.
- قضم الجولان والمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية كجزء أساسي من خطة إسرائيل بتثبيت احتلالها للأرض، وتقديم خطة سلام شرق أوسطية مبنية على التهديد النووي وتجاهل القضية الفلسينية ومبدأ الأرض مقابل السلام.
- الإبقاء على الساحة السورية بشكلها الحالي تحت رعاية روسية ووجود إيراني وبؤر متطرفة لتكون رماداً قابلاً للإشعال؛ فسوريا الديمقراطية الموحدة والآمنة تشكل خطراً على إسرائيل وكل الأنظمة العربية المارقة في السعودية والخليج.
- عدم السماح بإنهاء حربي اليمن وليبيا، فالساحات الساخنة والحروب المحلية مهمة لتبرير الدور الإسرائيلي القادم من جهة ولتمويل الاقتصاد الأمريكي والروسي من خلال عقود السلاح الفلكية الأرقام.
في سبيل ذلك، نقلت أمريكا سفارتها، واعترفت بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل متجاوزة ومتجاهلة كل القرارات الدولية، وباركت ضم الجولان، وسوف تؤيد أي إجراءات ضم أخرى سوف تتخذها حكومة نتنياهو القادمة، وسط صمت عربي فضائحي اقتصر على إدانة خجولة وخنوع مطلق، ومباركة روسية، ومقاومة صورية من كل من تركيا وإيران.
إسرائيل ستكون السيد المطلق والمعلن في العقد القادم على الأقل، وسوف تنال تأييد الدول العظمى وعشرات من الدول التي تدور في فلكهم. وطالما أن الشعوب العربية محكومة من هكذا أنظمة، لا يملك العرب ولا السوريون أي فسحة أمل في مستقبل زاهر لشعوبهم.