الديمقراطية ودولة المؤسسات تنتصر في تركيا
عاشت تركيا ليلة مفصلية بيضاء في تاريخها الحديث فقد تضاربت أخبار وكالات الأنباء منذ الساعة 11 من مساء 16 – 17 تموز عن حدوث انقلاب عسكري في تركيا من قبل جناح عسكري محسوب على فتح الله غولن المعارض. استطاع الانقلابيون السيطرة على مقر التلفزيون التركي وهيئة الاركان في أنقرة ومطار اتاتورك في اسطنبول، وحاصروا البرلمان وقصفوه بالمروحيات وأعلن منع التجول والاحكام العرفية وبدا للعالم بأن الانقلاب في طريقه إلى النجاح.
في الوقت ذاته، أكّد رئيس الحكومة التركية وجود محاولة انقلاب وتوعد الانقلابيين بالقصاص، وظهر الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان على احدى القنوات الهامشية (لأنّ محطة التركية الرسمية آر تي كانت قد توقفت عن البث) وطلب من الشعب التركي النزول الى الشوارع لمواجهة الانقلابيين ونصرة الديمقراطية. دعوة أردوغان هذه، على الرغم من خطورتها، لعبت الدور الأبرز في فشل الانقلاب. فقد صرّح رئيس الشؤون الدينية التركية محمد جورمز أنّ النزول إلى الشارع هو واجب وطني. استجاب الشارع إلى الدعوات ونزل عشرات الآلاف إلى الساحات وجول الجسور والبرلمان في كل من أنقرة واسطنبول في تحدّ سافر لأوامر منع التجول، الأمر الذي وضع الانقلابيين في مواجهة مباشرة مع الشعب، الأمر الذي لم يكن في حسابهم. هذه الدعوة أكدت أن الشعب التركي اختار الديمقراطية إلى الأبد وأنّ أردوغان قد نجح في تأكيد شعبيته من جديد، وكانت وكالات الانباء قد نقلت بداية احتجاز رئيس هيئة الاركان ومن ثم مقتله. واتهم عدد من الجنرالات بقيادة الانقلاب وعلى رأسهم قائد القوى الجوية والدرك ومحمد موسى مستشار في قيادة الجيش بقيادة الانقلاب.
وقفت حكومة أوباما متفرجة في البداية، ثم ما لبثت ولحقت بالناتو والاتحاد الاوروبي بدعم الديمقراطية.
لاشك أنّ ثمة أصابع خارجية وراء الانقلاب سوف تتكشف قريباً. فأردوغان قام في الفترة الاخيرة بالتفافات مفاجئة سياسياً قلبت التحالفات القائمة وخلطت الاوراق في تركيا والمنطقة.