الدستور الأخلاقي للثورة السورية
يحتاج كلّ حدث نضالي مفصلي في تاريخ الشعوب إلى دستور أخلاقي ينظم مبادئه ويضع معاييره ويحصنه من الوقوع في أخطاء قد تنعكس سلباً على مصير الحدث أو نتائجه. والثورة السورية التي ولدت في ربيع عربي يعبق بعطر الحرية والكرامة والديموقراطية لا بدّ لها من تحصين ذاتها وهي تدخل عامها الثاني بمواجهة مكشوفة مع قوى الشر والاجرام المتمثلة: (1) بنظام تنعدم فيه أي أخلاقيات انسانية أو اجتماعية أو سياسية أو وطنية، نظام كتبت عصاباته المسلحة بصراحة على جدران باباعمرو والرستن والمدن والقرى الأخرى التي استباحوها ودمروها “الأسد إلى الأبد أو خراب البلد”، نظام دفع ويدفع بالبلاد إلى حرب طائفية وأثنية مسلحة تحصد الأخضر واليابس، نظام لا يرتدع عن قصف وتدمير المساجد والكنائس وحقول الزيتون والقمح والمنازل والمدن والمآذن وحتى القلاع الأثرية، نظام لا يعرف معنى الحرمات تقوم عصاباته بالقتل والتعذيب والذبح وتقطيع الأوصال واستئصال الأعضاء للأطفال والشيوخ والشباب والحرائر والفنانين والمنشدين، و(2) دعم من دول دكتوتارية فاشية مقنعة بنظم ديموقراطية واهية كروسيا والصين والهند وايران وفنزويلا، و(3) دعم مستتر اسرائيلي لنظام عميل باع الجولان وحمى حدود اسرائيل الشمالية بكل قوة والتزام وتآمر على القضية الفلسطينية والقضايا العربية الأخرى وزرع الفتن في مختلف الدول العربية ورسخ الانقسامات السياسية فيها، و(4) تواطئ دولي ملفت للنظر في إطار صراع عالمي وإعادة تخطيط استراتيجي لنفوذ القوى الكبرى وصراع مصالح عالمي يتقاطع على الأرض السورية التي برزت كأهم دولة عربية وشرق اوسطية مؤثرة على التوازن الاقليمي في المنطقة.
بدأ العام الثاني للثورة السورية بتحديات جمة ومبادرات وأفكار مشتتة تقدمها الدول المتصارعة الاقليمية والدولية والعربية لتشكل وضعاً غير متجانس ومتشابك المصالح على طاولة مفاوضات تغيب عنها بامتياز معارضة سورية مفككة ومشرذمة غير مؤهلة لتمثيل شعبها الثائر البطل، معارضة سورية سياسية وعسكرية منقسمة لم تنجح في ترتيب أولوياتها ولم تستطع أن تصوغ خطة عمل متوازنة ومقنعة تستقطب بها مختلف الأطراف العالمية المتصارعة.
أمام كل ما سبق من تحديات لم يبقى للشعب السوري الثائر إلا أن يعتمد على ذاته ويؤمن بثورته ويحصنها بمبادئ وأفكار يبدأ كل فرد بتطبيقها على نفسه لتتحول إلى معايير أخلاقية عامة ترتقي بالثورة لترفع راية الوحدة الوطنية العامل الوحيد الذي بامكانه تحصين الوطن والحفاظ عليه.
من أخلاق الثورة ودستورها:
1. أن يؤمن كل ثائر أنّه ينتمي للوطن ككل ولا ينتمي لطائفة أوعشيرة أو شارع أو حارة أو منطقة أو مدينة أو قومية.
2. أن يؤمن كل ثائر أن نضاله هو في سبيل الوطن ككل لا في سبيل جزء منه أو فئة.
3. أن يؤمن كل ثائر بأن قوته تأتي بتكافله الاجتماعي والانساني والثوري والنضالي والعسكري مع غيره من الثوار وأبناء الوطن.
4. أن يؤمن كل ثائر بأنّ الشهداء الذين سقطوا سواء كانوا من إخوته أو اصدقائه أو أبناء مدينته أو ملّته قد استشهدوا لأنهم من فئة الرائدين والأبطال ولم يستشهدوا ليتركوا له إرثاً يستثمره للتعالي على غيره من المواطنين السوريين بمن فيهم الصامتينن ولا يعطيه الحق بأن يحصل على مكاسب استثنائية لا يمتلك أسباباً مهنية تؤهله الحصول عليها في سبيل خدمة الوطن.
5. أن يؤمن كل ثائر أنّه يفتدي وطنه بدمه بلا مقابل سوى رضى الله ورضى الضمير ورضى الذات.
6. أن يؤمن كل ثائر بأنه يسعى إلى تحرير الوطن وبناء دولة مدنية واحدة تتيح لجميع مكونات النسيج الاجتماعي والقومي السوري بأن تعيش وتعمل لخدمة وطن واحد يضمن لها الحقوق الدستورية والانسانية والاجتماعية والقومية دون استثناء.
7. أن يؤمن كل ثائر بأنه يثور لبناء انسان سوري جديد يتمتع بصفات امتلكها أجداده منها نكران الذات والتخلي عن النرجسية والأنا القاتلة والإيمان بأنّ الانسان المناسب عليه أن يوضع في المكان المناسب بحسب كفاءاته الشخصية وبعيداً عن أي انتماء عائلي أو طائفي أو حزبي أو عشائري أو غير ذلك من الانتماءات المشوهة.
8. أن يؤمن كل ثائر أنّ عليه أن يتخصص في حراكه لكي يعطي أفضل ما لديه وأن عليه دعم مبادرات رفاقه الثوار دون أن يتجاوزها أو يكررها أو يشتتها فتخبو نتائجها وتفشل. لايهم من يقوم بالعمل أو من هو في طليعته، المهم أن ينجح العمل ويحقق أهدافه.
9. أن يؤمن كل ثائر أنّ عليه أن يكون ملتزماً يعرف معنى المسؤولية وأهمية تحملها لا أن يكون مدعياً كاذباً مستهتراً بما يلتزم به في أي عمل فيسئ إلى الثورة من حيث لا يدري.
10. أن يؤمن كل ثائر أنّ يتقبل الفشل كما يتقبل النجاح وأن يدرك بأن الحياة تشمل النجاح والفشل وأنّ الناجح الأكبر هو من يستطيع أن يتعلم من فشله فيتداركه في مستقبل أعماله.
11. أن يؤمن كل ثائر أن عليه أن يتقبل النصح أو النقد بصدر رحب ويستفيد من خبرات غيره في سبيل تحسين إمكانياته وقدراته.
12. أن يؤمن كل ثائر بأنّ عليه أن يكون شفافاً لا باطنياً يتصارح مع زملائه ويسعى للحفاظ على أطيب العلاقات معهم.
13. أن يؤمن كل ثائر بأنه مسؤول عن كل ما تأتمنه عليه الثورة وأعمالها وأنّ عليه تنفيذها دون مقابل ,انّ عمله هو هدية يقدمها للوطن ولا يطمح من خلالهاأن يحقق أي مكسب آني أو مستقبلي.
14. أن يؤمن كل ثائر بأنّ متطلباته الخاصة ومتطلبات مجتمعه النووي تتحقق من خلال تحرير الوطن وممارسة الديموقراطية، إنّ طرح أي أجندات استباقية سوف يؤذي الثورة وهدد نجاحها.
15. أن يؤمن كل ثائر بأنّ عدو الوطن الأوّل هو هذا النظام وأن عليه أن يسقطه مهما كلف ذلك من تضحيات وأن الحرية والعدالة والمساواة هي الأسس التي لا تقبل الجدل في سبيل مساهمة أجيالنا المستقبلية في بناء الحضارة الانسانية.
16. أن يؤمن كل ثائر بأّنّ من واجبه دعم الجيش الوطني الحر وأفراده وعيلهم واسعاف المصابين والجرحى ودفن الشهداء ومساعدة المهجرين والجوعى ضمن نظام اجتماعي تكافلي ثوري انساني متكامل يكون فيه انكار الذات ومحبة الغير رائدة بامتياز.
17. أن يؤمن كل ثائر بأن عليه معاملة المعتقلين من عصابات النظام وأهاليهم ومرتزقتهم معاملة انسانية بعيدة عن روح الانتقام والقتل والتعذيب والاهانة مهما كانت جرائم المعتقل خطيرة ووحشية.
18. أن يؤمن كل ثائر بأن الاختلاف في الرأي حق من حقوق المواطنة يسمح به على المستوى السياسي ولا يسمح به على المستوى العسكري وأنّ توحيد البندقية أمر مقدس لنجاح الثورة.
19. أن يؤمن كل ثائر بأنّ عليه معاملة الغير كما يرغب من الغير أن يعامله.
20. أن يؤمن كل ثائر بأنّ الوطن للجميع لا يحق لأيحد أن يحتكره وأنّ عليه أن يجد صيغة مشتركة للتعايش مع الجميع..
عاشت سوريا حرة أبية وثورة حتى النصر
فهد ابراهيم باشا