theme-sticky-logo-alt
theme-logo-alt

سوريا وإرهاب النظام

0 Comments

منذ اليوم الأول لانطلاق الثورة السورية الباسلة ضد واحد من أقوى الأنظمة الاستبدادية القمعية التي عرفها التاريخ وأكثرها دموية وشراسة ولاأخلاقية، طالعتنا مستشارة الرئيس الشمطاء بثينة شعبان وتلاها حاجب الخارجية السورية وليد المعلم بلغة خطابية لم يفهمها أحد لأنّها كانت تتحدث بلغة غريبة عن مجتمعنا جملة وتفصيلاً. هدد كل منهما بالحرب الطائفية ووجود مجموعات مسلحة ممولة من الخارج وتربص الارهابيين والقاعدة للدخول إلى سوريا في أول فرصة سانحة. كانت هذه الأبواق تعبر ببساطة عن خطة النظام التي وضعها للتصدي للثورة.

كان استيعاب المظاهرات الأولية التي انطلقت في الحميدية ودرعا والاستجابة لشعاراتها الأولية البسيطة مرفوضاً جملة وتفصيلاً من الشريحة الأمنية التي تحكم سوريا بالفعل وذلك لأنّ الاستجابة لأي مطلب مهما كان صغيراً ومحقاً سوف يعني إعطاء الضوء الأخضر لمزيد من الحراك الديموقراطي والمطالب التي لا يتسع لها صدر النظام، فهو يعلم أن اللائحة طويلة وأنّ الشعب لن يقف قبل تحقيق الحرية والديموقراطية المطلقة وأنه في ظلها لن يكون له ولأعوانه مكاناً او سلطة يستبيح بها الوطن اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً وأخلاقياً. لذا اختار النظام سياسة القمع المسلح والقتل والارهاب والتعذيب منذ اليوم الأول عله يخيف الحفنة القليلة الثائرة ويجعل منها أمثولة لكل من تسول له نفسه الانضمام إلى ثورة الربيع العربي التي استطاعت أن تطيح بنظاميين فاشيين خلال أسابيع قليلة. ارتكز النظام في قراره على معطيات عدة أهمها:

1. أن أهم قيادات كتائب الجيش السوري القوية والفاعلة وقوات الأمن السوري بالمطلق واللذين ركز النظام على بناءهما على مدى 50 عاماً هم عناصر لاوطنية مرتزقة تدين بالولاء له وسوف تدافع عن مكتساباتها اللاشرعية التي منحها إياها النظام من نفوذ ومسكن ومال وغير ذلك من مكتسبات لاشرعية تقوم هذه الفئات بسرقتها دون رادع قانوني أو مسلكي.

2. الخبرة التي يتمتع بها النظام في إدارة الأزمات والتعامل معها وأهمها المراوغة السياسية وفن الكذب والاحتيال وتشريع أنّ الغاية تبرر الوسيلة مهما كانت الوسائل المستخدمة همجية وإجرامية ولاإنسانية.

3. ارتباطه بالارهاب والارهابيين وتبنيهم له وتحافه مع الدول والأحزاب الأخرى التي تدربهم وتمولهم باسم الممانعة والنضال الوطني وقدرتهم على تجيير هذه القوى لخدمة أهداف النظام في أي مكان في العالم كما فعل فب العراق والسعودية ولبنان وغيرهم… في كل فرصة أراد فيها أن يرسل رسلئل سيلسية أو التأثير في تغيير بعض المعطيات على الساحة الجيوسياسية على المستويين الاقليمي والعربي.

ومنذ اليوم الأول بدأ الحكم بتصعيد أعماله الاجرامية وقتله الممنهج آملاً بتغيير منحى الثورة من ثورة سلمية مطلبية شعبية محقة إلى ثورة ارهابية طائفية مسلحة ذات انتماءات وولاءات وأجندات خارجية إقليمية وعربية ودولية على رأسها الاقتتال الطائفي والحرب الأهلية وتقسيم الوطن.

دفع بعض الفئات من طوائف مختلفة إلى ذبح الأسر وقتل الأطفال واغتصاب النساء واختطاف الرجال ومن ثم رمي جثثهم في الشوارع والطرقات كأنهم بهائم نفقوا، وقام بمجازر جماعية وقتل ودفن جماعي ثم صعّد ذلك إلى القصف المدفعي بالاسلحة الثقيلة واقتحام المدن والقرى وتهديمها على رؤوس سكانها ولم يتوان عن قصف آثار البلاد وتاريخها وسرقة تحفها وحرق محاصيل الفلاحين وقتل مواشيهم وبهائمهم. حلل النظام لنفسه كل شئ باسم مقاومة الارهاب والدفاع عن الطوائف والاقليات.

وعلى الرغم من كل ما فعله وابتكره واستند اليه من صداقات من دول مارقة لا تقل عنه اجراما ووحشية ولاأخلاقية وفاشية، لم يستطع هذا النظام المجرم من وئد الثورة وتحييد مسارها عن السبيل الوحيد الذي انتهجته منذ البداية وهو السلمية. حتى الجيش الوطني الحر الذي ولد من رحم الأباء والعنفوان والبطولة والشهامة والوطنية ليرفض القتل والبطش ويتحول الى حماية الشعب، قام بذلك بأكثر اساليب الانشقاق رقياً في التاريخ فكان أعضاؤه يتركون سلاحهم وينضمون الى الثوار ايمانا منهم بسلمية الثورة. بعد ذلك اضطر الجيش الحر الأبي أن يحمل السلاح دفاعاً عن الثوار الذين كانوا يتظاهرون بصدور عارية وعن الأحياء التي كانت تنتهك منهجياً من قبل الجيش الأسدي المجرم.

والآن وبعد أن راوغ النظام لأشهر عدة بداية من الجامعة العربية ومبادرة أنان، أدرك أن وصول مراقبي القبعات الزرقاء وانتشارهم سوف يضيق عليه الخناق ويجبره في النهاية إلى سحب كتائبه المجرمة وإعادتها إلى الثكنات وايقاف القنل الهمجي، الأمر الذي سوف يعني تحول المظاهرات من عشرات الآلاف إلى ملايين زاحفة تسقطه سلمياً في كل المدن السورية وعلى رأسها حلب ودمشق.

لذا بدأ اليوم باستخدام سلاحه الأخير وهو اطلاق العنان للارهاب المتطرف بما يعنيه من تفجيرات تودي بحياة المدنيين الأبرياء والاختطاف والقتل الطائفي والاثني لدفع البلاد الى الفوضى لدفع المراقبين الى الانسحاب وأنان إلى إعلان فشل مبادرته والشعب والثوار الى الخوف واليأس والأكثرية الصامتة الى الخوف والتردد. لا يأبه هذا النظام بمصير الوطن وانقسامه وتشتته فبقاءه في السلطة هو وزبانيته هو الأساس ومن بعدهم فليكن الطوفان.

على الشعب السوريى الباسل الحر أن يفوت هذه الفرصة على النظام، إنها فرصته الأخيرة بل ورقته الأخيرة التي يلعبها لاقناع العالم أن لا ثورة في سوريا بل مجابهة مسلحة بين نظام ومجموعات ارهابية طائفية مسلحة غبر منضبطة ينبغي القضاء عليها ضمن اطار الحرب العالمية على الارهاب علينا ضبط النفس والوعي لهذه المخططات الاجرامية وعدم الانجرار نحو ردات فعل تحسب علينا وتكلفنا فشل ثورة ضحى شبابنا بعشرات الألاف من أجلها بدماءهم الطاهرة الأبية. لنتحلى بالضمير الوطني ونرفع شعار “الوطن أولاً” فبدون وطن لا وجود لنا.

فهد ابراهيم باشا

Previous Post
إلى الخمسة الكبار أعضاء نادي الفيتو في مجلس الأمن
Next Post
الجامعة العربية لا تتكلم العربية!

0 Comments

Leave a Reply

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

15 49.0138 8.38624 1 0 4000 1 https://fahedbacha.com 300 0