أوباما وتعدد الزوجات
قد يكون العنوان الذي اخترته لمقالتي غريباً، خاصة في هذه الفترة التي تتزاحم فيها الأخبار الساخنة التي ترد تباعاً من واشنطن، وكامب ديفيد، واليمن، وسوريا، واسرائيل، وإيران….. ولكني للأسف وجدت أنّ هذا العنوان – الغريب العجيب – ينطبق تماما على حالة أكبر رئيس دولة في العالم وتصرفاته الميكيافيلية الأخيرة التي أتحفنا بها في الأسابيع الأخيرة.
عرفنا أن السيد أوباما رئيس يتقن الخطابة والتلاعب على المواقف والالفاظ والكلمات– كيف لا وهو خريج جامعة هارفرد الاميريكية وهي الجامعة الأولى في العالم في علم الحقوق. فمهنة الرجل أن يتغلب على الحقائق بالنصوص القانونية الى درجة أن يبرئ المجرم حتى لو تأكد من مسؤوليته عن الجريمة.
عرفنا عنه أيضاً أنه باراك حسين أوباما ولكنه ليس مسلماً ولكن جدته قد ذهبت لقضاء العمرة ونزلت ضيفة مكرمة على الأسرة المالكة في المملكة العربية السعودية!!!!؟
عرفنا عنه أنه يقول ولا يفعل، ويفعل أو لا يفعل شئ على الاطلاق.
عرفنا عنه أنه مصاب بعمى الألوان فهو لا يفرق بين اللون الأحمر والأخضر، فالرجل لم يقم بأي رد فعل مما توعد به وزمجر حتى صدقناه عندما رسم خطوطاً حمراء لنظام الاسد وملالي إيران وإرهابيو حزب الله وغير ذلك من الخطوط الأخرى…. حتى فاجأ أصدقاءه وحلفائه وعلى رأسهم فرنسا واسرائيل وتركيا ودول الخليج العربي والمملكة العربية السعودية.
عرفنا عنه أنه ينتظر ويتروى ويستشير قبل أن يتخذ قراراته، ولكن المشكلة تكمن أنه لا ينتهي باتخاذ أي قرار بل يكتفي بالدعاء الى ربّه – الذي من المؤكد أنه مختلف عن الرب الذي يعرفه البشر – أن يجد له حلاً أو متغيراً يعطيه حججاً يستطيع أن يستخدمها في صياغة خطابات جديدة يلعب بكلماتها لكي يبرر ما لا يمكن تبريره ويتنكر لكل وعوده والتزاماته وعفى الله عما مضى.
عرفنا أن لديه قاموساً لمفردات ومصطلحات تختلف بمعانيها عن تلك المألوفة لدى البشر العاديين الذين لم يتخرجوا من جامعة هارفرد. استهل الرجل فترة إدارته الأولى وتحدث للشباب العربي من منبر جامعة القاهرة عن الحرية والديمقراطية، ولكنه لم يقل لهم أنه سيحققها في بلادهم على دماء مئات الآلاف من شبابهم، وهجرة الملايين من شعوبهم، ومعاناة أطفالهم ونساءهم، وتدمير جيل كامل قادم؛ وهو يقف متفرجاً بل عائقاً أمام إعطاء هذه الشعوب حقها الشرعي في الحرية والديمقراطية والكرامة.
وعد حلفائه الاوروبيون بالاحترام المتبادل والتشاور المستمر والمشاركة في صنع القرار، واذا بنا نكتشف أنه يعني بذلك التجسس على مستشارة ألمانيا ورئيس فرنسا وبريطانيا وسياسيو أوروبا الخ…
وعد العالم بإنهاء الحروب التي بدأها جورج بوش الابن وبمرحلة من السلام العالمي والوئام، فإذا بنا نرى أن عدد من قتلوا خلال إدارته فاقوا بآلاف الاضعاف ما قتله بوش الابن وعدد من هُجّر تجاوز بالملايين ما هَجّره الكاوبوي التكساسي المخمور.
حاول أوباما بعد تفكير طويل أن يعدد زوجاته (حلفاؤه)، فموقعه يسمح له بذلك وأخلاقه لا تشكل له أي رادع في التعددية، فلكل زوجة دورها وطعمها وعبيقها.
أراد الرئيس العتيد أن يحافظ على زوجته الاولى الأصيلة “اسرائيل” فهو لا يستطيع الاستغناء عنها وإن أغضبها قليلاً – فهي الحارس الأمين لما يسمى بالأمن القومي الأميريكي، وهي الأبن المدلل للماسونية العالمية التي تحكم كارتيلات السلاح والمال والمخدرات ةالدعارة وتجارة الرقيق والبشر، هي التي تحكم العالم اليوم للأسف. سئم سيادته من زوجاته الأخريات اللواتي تزوجهنّ لمصالحه المادية والاقتصادية ورعاية رزقه الشرعي الذي وضعه الله خطأ في موقع بعيد عن أمريكا سمي بالخليج العربي أو الفارسي وما زال القتال على أشده حول إسم منطقة التخزين هذه، لقد عوده التاريخ أن مطالبهنّ محدودة تقتصر على تأمين أنظمتهنّ والحفاظ على مواقع أسرهن في الحكم والسيطرة على كنوز بلادهنّ واستنزافها في كل شئ عدا التنمية الحقيقة، واستباحتها حتى تنضب.
وقع الرجل في غرام إيران فوجد في ملاليها طعم آخر يهدد بهم زوجاته الخليجيات دافعاً بهنّ إلى التسابق لارضائه وتنفيذ رغباته مهما عهرت، دون أن يغضب اسرائيل؛ فالأخيرة تعرف أنه لا يمكن المساس بها لا بالأسلحة التقليدية ولا النووية وأنها وصلت إلى درجة الحصانة الكاملة من كل دول العالم دون استثناء، بل وصلت دون منازع الى مستوى المشاركة في صنع القرارات الدولية والاقليمية والاستراتيجية على مستوى المنطقة والعالم.
حردت اسرائيل من الرئيس وأهانته وسط أهله وقومه – الكونغرس – وأعاد الاسرائيليون انتخاب نتنياهو وقالوا للرئيس الذي شاب شعره خلال السنوات السبع التي قضاها في البيت الابيض، لا تلعب بالنار فاسرائيل ومصالحها خط أحمر، قد تسمح لك باللعب ولكن بموافقتها وعلى مزاجها. حزن الرئيس واعترف بأنه خسر معركته مع زوجته الأصيلة وأكد لها عن محبته وصداقته وغرامه بها وأنها ستظل تتربع على عرش قلبه الكبير.
غير أنّ الرئيس ما لبث أن تفاجأ بزوجاته الخليجيات اللواتي لم يكن يعير لهنّ أي اعتبار، تعود الرجل عبر التاريخ أن يكنّ مطواعات له يسعين الى إرضائه مهما عربد وفجر وتكبّر.
نسي الرئيس أنه لا يميز الألوان، فسمح لنفسه بتجاوز خطوطاً حمراء تمسّ أمن المملكة ودول الخليج. لقد سمح لإيران بتجاوز حدودها والتطاول على الأمن القومي للمملكة العربية السعودية وتهديد خاصرتها الجنوبية ومضيق باب المندب من ناحية، وأمنها الداخلي واستقرارها من الناحية الأخرى.
أرادت إيران أن تستفيد من كل المعطيات الاقليمية والفوضى الخلاقة التي تعم المنطقة وتقطف نتائج غزلها الفاضح لاوباما المتيّم بها والغير معتاد على اتخاذ القرارات في مواجهة الأخطار بل دراسة تقارير مستشاريه واعطاء الزمن الفرصة الكاملة لانضاج الحلول.
انتفضت المملكة، وأجرت للمرة الاولى في تاريخها تغييرات جذرية تمس هرمها الحاكم من قمته الى قاعدته، تغييرات تجاوزت التسلسل العمري الذي كان مقدساً حتى الآن على مستوى العائلة الحاكمة. قفز جيل شاب جديد أكثر ثقافة وعلم ووعي إلى الواجهة في وقت قياسي حتى اعتقده البعض أنّ ما جرى كان انقلاباً عسكرياً. تجمعت دول الخليج حول المملكة وشكلت للمرة الاولى تحالفاً عسكرياً لم تستطع أمريكا أن تحول دونه. وشنت هذه الدول عاصفة الحزم بمباركة أممية وصمت روسي، وأخيرا دعت الرئيس الفرنسي هولاند إلى قمة خليجية حظي خلالها باستقبال وحفاوة لم يسبق لهما مثيل في تاريخ العلاقات الفرنسية العربية، ولم تعيده خالي الوفاض بل وقعت معه عقداً بمليارات اليورهات ثمناً لطائرات حربية مقاتلة أرادت من خلال شراءها أن تعلن للسيد الرئيس الفطحل استيائها وتهزّ العصا له وتفهمه أن الثقة قد سحبت منه ومن إدارته.
وأخيراً، شهدنا اليوم مشاركة هزيلة على مستوى الصف الثاني والثالث من التمثيل في كامب ديفيد رداً على دعوة الرئيس الاميريكي الفذ لاجتماع على مستوى القمة. ظنّ أوباما أنه سيلقي على القمة خطاباً بليغاً يتلاعب به على الكلمات وينهي توجسهم ويعيدهم الى حرملك البيت الأبيض كما اعتاد.
أصدر بيانا ختامياً أغدق به بالوعود الأمنية والعسكرية والتزامه بالاستجابة الى مواقف المملكة ودول الخليج من الصراعات الاقليمية وعلى رأسها اليمن وسوريا والعراق.
قد يكون أوباما محامياً بارعاً وخطيباً فذاً ولكنه من دون شك قارئاً سيئاً ومحللاً هزيلاً يصل متأخراً على الدوام.
فهد ابراهيم باشا